تقارير حقوقية: ارتفاع وتيرة الاعتقالات على يد “تحرير الشام” في إدلب
تقارير حقوقية: ارتفاع وتيرة الاعتقالات على يد “تحرير الشام” في إدلب
وثقت منظمات وشبكات حقوقية عددا من الاعتقالات، التي تنفذها “هيئة تحرير الشام” في مناطق سيطرتها، مؤخرًا، سواءً لمدنيين أو ناشطين أو عاملين في المجال الإغاثي أو الإنساني.
وطالبت المنظمات الحقوقية “تحرير الشام” باتباع أساليب قانونية، وتعامل “عادل” مع المعتقلين.
ولاقت “تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب وأجزاء من ريف حلب الغربي، انتقادات عديدة من غياب وجود مذكرة قضائية، وعدم توكيل محامٍ، واتباع ممارسات “مجحفة” بحق المعتقلين رغم تعدد الأسباب أو غياب بعضها عن حالات الاعتقال التي تنفذها.
الناشط محمد إسماعيل
واعتقلت “تحرير الشام” الناشط المدني محمد إسماعيل، في 20 من يناير الماضي، دون معرفة سبب الاعتقال، أو مكانه، أو السماح لذويه بزيارته، وفق ما نشره فريق “انتهاكات جبهة النصرة” الذي يوثّق انتهاكات “هيئة تحرير الشام”.
وينحدر الناشط إسماعيل من مدينة سراقب شرقي مدينة إدلب، وعمل منسقًا ولوجستيًا ضمن منظمة “نقطة بداية” (Start Point)، واعتقلته “أمنية الهيئة” في 17 من يناير الماضي، بمنطقة صلوة غرب محافظة حلب، وأفرجت عنه بعد يوم واحد، وتركت الهاتف المحمول الخاص به لديها ضمن مركز الاعتقال.
وفي 20 من الشهر نفسه، طلب أمن “الهيئة” من إسماعيل مراجعة المكان الذي كان معتقلًا فيه ليتم تسليمه هاتفه المحمول، ليُعتقل إسماعيل وهو في الطريق إلى مركز الأمن على حاجز لـ”تحرير الشام” يقع على الطريق الواصل بين معرة مصرين وإدلب.
وأشار فريق “انتهاكات جبهة النصرة” إلى أن “تحرير الشام” داهمت منزل إسماعيل عقب اعتقاله، وصادرت جميع معداته الشخصية من منزله الكائن ضمن مدينة معرة مصرين شمال محافظة إدلب، ولا يزال معتقلًا حتى اللحظة.
الشاب غياث باكير
في الأول من مارس الحالي، اعتقلت “الهيئة” الشاب غياث باكير، بسبب منشور له عبر “فيس بوك”، حث من خلاله على استغلال الغزو الروسي لأوكرانيا، وطالب بفتح المعارك ضد النظام، بحسب ما قالته مصادر مقربة من غياث، طلبت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية.
“غياث” هو المعيل الوحيد لأهله وعائلته، وينحدر من مدينة سراقب شرقي مدينة إدلب، ويسكن في مدينة بنّش شرقي إدلب منذ سيطرة النظام وحلفائه على مدينته في الأشهر الأولى من عام 2020.
من جهتها نفت “تحرير الشام” اعتقال غياث باكير بسبب منشوره الذي طالب فيه بفتح المعارك ضد النظام، وأكد مسؤول في الهيئة، اعتقال الشاب، لكنه نفى صحة الأنباء عن اعتقاله بسبب منشوره عبر “فيس بوك”، في حين قال حساب “إدلب بوست” المقرب من “تحرير الشام” عبر “تلجرام” أن كلام ومنشورات الشاب فيها “تمجيد للنظام السوري”.
أنس إسماعيل الدغيم
اعتقلت “تحرير الشام”، الشاب أنس إسماعيل الدغيم، في 3 من مارس الحالي، من داخل معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهو في طريقه إلى تركيا مع ابنته المريضة بـ”فتحات في القلب”.
أوضحت مصادر مقربة من الشاب، أن عناصر “الهيئة” اتصلوا بذوي الشاب لاستلام الطفلة من المعبر، واعتقلت الأب، ولم تسمح لهما بدخول الأراضي التركية لتلقي العلاج، وكانت الأسباب الأولية لاعتقال الشاب “قضية أمنية” بحسب المصادر، التي أكدت أن الشاب المعيل الوحيد لعائلته، و”مبتعد عن المشاكل”، وليس من أصحاب “السوابق”.
وينحدر الدغيم من بلدة جرجناز بريف إدلب الجنوبي، وهو مهجّر مقيم في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، ويدخل الأراضي التركية بطريقة شرعية لعلاج طفلته، ضمن مواعيد محددة.
من جهته نشر جهاز الأمن العام في مدينة إدلب، بيانًا عبر “فيس بوك“، أكد فيه اعتقال الدغيم في أثناء خروجه باتجاه الأراضي التركية لـ”الاشتباه فيه بالتعامل مع النظام”.
وذكر الجهاز أن “إدارة معبر باب الهوى” أمّنت الطفلة التي تحتاج علاجًا في الأراضي التركية، وأمنت خروجها مع عمها لتلقي العلاج.
الناشط الإعلامي محمد صبيح
اعتقل الجهاز الأمني في “تحرير الشام”، مساء الثلاثاء 8 من مارس، الناشط الإعلامي محمد صبيح، من مدينة سرمدا شمالي إدلب.
وقال مصدر مقرب من الإعلامي، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن عناصر “أمنية الهيئة” اعتقلوا الناشط محمد صبيح، ثم داهموا منزله واعتقلوا زوجته، كما صادروا أجهزة هواتف وحواسيب عائدة للإعلامي وزوجته في أثناء المداهمة، ليطلقوا سراح زوجته بعد ساعات، بحسب المصدر، الذي أوضح أن الناشط صبيح يعمل بمجال الجمعيات والمنظمات الإنسانية شمال غربي سوريا.
وأوضح جهاز الأمن العام في بيان عبر “فيس بوك” بأن التحقيق الأولي انتهى، وأكد وجود شكوى بحق الناشط وزوجته متعلقة بقضية “فساد مالي وابتزاز”، وبعد التحقيقات الأولية ثبت ضلوعه وجرى إخلاء سبيل زوجته.
الانتهاكات مستمرة
وتتكرر حالات الاعتقال التي تنفذها “تحرير الشام” في مناطق سيطرتها، أو الأجهزة الأمنية كـ”جهاز الأمن العام” الذي ينفي صلته بها.
وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وثّقت انتهاكات “تحرير الشام” منذ الإعلان عن تأسيس “جبهة النصرة” في سوريا في يناير 2012 حتى نهاية عام 2021، وأحصت مقتل ما لا يقل عن 505 مدنيين على يد “الهيئة”، بينهم 71 طفلًا و77 سيدة، و28 قُتلوا تحت التعذيب، إضافة إلى ما لا يقل عن 2327 شخصًا لا يزالون قيد “الاحتجاز التعسفي” أو الاختفاء القسري في سجونها.
وذكر تقرير “الشبكة” أن “الهيئة” ارتكبت انتهاكات واسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان بحق الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، عبر عمليات الخطف والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، وعبر الأحكام الجائرة، كما وثّقت “الشبكة السورية”، في تقرير صدر في 2 من مارس الحالي، 31 حالة اعتقال على يد “تحرير الشام”، خلال شباط الماضي.
وطالبت “الشبكة”، “تحرير الشام” أن تلتزم بالقواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني، وبمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان.
دعوة أممية
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى وقف إطلاق النار في سوريا، في بيان بمناسبة مرور 11 عاما على اندلاع ما وصفه بـ"القتال الوحشي" في الدولة التي مزقتها الصراعات.
وقال غوتيريش في بيان: "لا يمكننا أن نخذل الشعب السوري، يجب أن يتوقف الصراع.. يجب احترام القانون الإنساني الدولي".
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف إلى الانخراط بشكل هادف في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، وإلى مزيد من الدعم لتعزيز الاستجابة الإنسانية. مضيفا: "يجب أن نختار السلام".
نزاع دامٍ
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ عام 2011، حيث أودت الحرب التي اندلعت في البلاد بحياة نحو 500 ألف شخص، وما زال الآلاف في عداد المفقودين، ولا تزال عائلاتهم بانتظار أخبار عن مصيرهم.. ودمرت البنية التحتية للبلاد وشرد الملايين من الأشخاص الذين فروا إلى دول الجوار العربية والغربية، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.